لحسن أجمّاع ..أشهر شعراء فن أحواش الامازيغي بالجنوب المغربي
يُعتبر الشاعر الامازيغي لحسن اجماع أحد أشهر شعراء فن أحواش الامازيغي بالجنوب المغربي ، حضي بشهرة و تعظيم لم يحضى بهما غيره لدى جمهور فن أحواش و عم ذكره كل مناطق المغرب لدى الناطقين بامازيغية الجنوب و تجاوزت شهرة لحسن اجماع المغرب الى دول المهجر التي يقطنها عدد كبير من المهاجرين من الناطقين بامازيغية الجنوب ...
لحسن اجماع رجل عذب الحديث و لطيف المعشر و شهم في تعامله مع غيره حاضر البديهة و محب للنكتة و البسط ، عرف لدى كل من عاشره بالصدق و الامانة ...
لحسن اجماع رجل عذب الحديث و لطيف المعشر و شهم في تعامله مع غيره حاضر البديهة و محب للنكتة و البسط ، عرف لدى كل من عاشره بالصدق و الامانة ...
ولد الشاعر الامازيغي الرايس لحسن اجماع بن محمد بن الحسين المديدي المشهور باجماع سنة 1949 بقرية تاجوايدات التي تقع ضمن جماعة المهارة ناحية ولاد برحيل تارودانت ، دخل المدرسة عام 1958 و هو في التاسعة من عمره ، و عاش فيها الكثير من المعناة بسبب انعدام الظروف الملائمة للتمدرس ، و ما لبث ان انصرف عن الدراسة بعد ان بلغ قسم الخامس ابتدائي ، الى الاشتغال بالفلاحة و حفر الابار ، تزوج عام 1971 ، وبدأ محاولاته الاولى لدخول اسايس في تلك المرحلة ، و إن كان نظم الشعر للامازيغي قد شغله و هو في الرابعة عشر من عمره ، غير ان بدايته الفعلية كانت سنة 1974 ، عندما انشد لاول مرة شعره امام عملاقين من عمالاقة الشعر النظم المعروفين في تلك المرحلة ، و هم الرايس محمد بويحزماي و الرايس عثمان اوبلعيد .
فن أحواش الامازيغي ـ أسايس ـ |
لم تكن بداية لحسن اجماع متعثرة ، و قد حظي بقبول الجمهور رغم صعوبة المجال و حدة المنافسة ، وذلك بفضل ذكتئه و موهبته و صوته المبهر المميز ، وكذ تشجيع اهله له و مباركتهم لخطواته الاولى في أسايس ، و قد اظطر الى ان يخوض الكثير من المحاورات الشعرية في اسايس لاثبات الذات ما بين 1974 و 1978 و كانت له مواجهات قوية و طريفة مع شيوخ اسايس من امثال عبد الله اوشن و عيد الله بوزيت و بويحزماي و عثنمان اوبلعيد و مبارك كوكو . الى ان كانت سنة 1978 ، سنة اللقاء مع ايحيا بوقدير ، ذلك اللقاء الذي سيغير حياته بشكل لم يكن هو يتوقعه ، حيث نشأت عنه ظاهر الثنائي ـ احيا د أوجماع ـ التي ستخلق اشعاعا قويا لفن احواش في المدن و البوادي على السواء ، لقد توافقت رؤى الشاعرين و لفت في لفت انتباه الجمهور بشكل غير عادي مند لقائهم الاول باداومليت ، فاسلوبهما في التحاور الشعري كان جديدا و مختلفا عن اسلوب القدماء ، كما أن صويتهما ، رغم اختلاف نوعيهما ، و كذا طريقتهما في الانشاد و الاداء و وعيهما بتحولات المجتمع و العالم من حولهما ، و كانت كلها عوامل جعلت الجمهور يلتفت الى خصوصية الظاهرة و تميزها و جديتها ، كذلك ، و هي عوامل لم تكن لتخفى عن اعين شركات الانتاج و خاصة منها " الساخي ديسك " الذي تبنى الشاعرين لتبدأ مسيرة التحالف الثنائي التي امتدت لعشر سنوات و أثمرت ما يزيد عن السبعين شريطا صوتيا ، دون ذكر آلاف الاشرطة الصوتية و المرئية التي تم تسجيلها خلال الفترة الفاصلة بين 1978 و 1988 في السهرات الخاصة باسوياس .
و بسبب خوض ايحيا بوقدير لتجربة المايسترو احدى فرق الفنون الشعبية التابعة لوزارة الثقافة ابتداء من 1988 فقد اصبح مضطرا الى مغادرة ارض الوطن بين الفينة و الاخرى ليجوب العالم بفن أحواش ، في حين تابع أجماع مسيرته الفنية في ايسوياس يحاور من يلتقي بهم من الشعراء المعروفين ، الى سنة 1998 التي سيلتقي فيها بالرايس عثمان ازوليض ، حيث سيشكل معه ثنائيا جديدا جديدا انتج ما بين التاريخ المذكور الى حدود سنة 2007 ، 15 شريطا صوتيا عكس الكثير من الاحداث الوطنية و الدولية كما ابرز ميل الشاعرين الى التجديد في الالحان و طرق الاداء الفني .
زار أجماع دول اسبانيا فرنسا هولندا بلجيكا ، و اللكسنبورغ في جولة قام بها الى اوربا عام 1985 ، كما انتخب رئيسا لجمعية اماريرن التي تضم شعراء احواش في 1 شتنبر 2003 ، و بجانب ذلك يمارس العديد من الانشطة الموازية حيث هو عضو نشيط بعدد من الجمعيات المدنية ذات الطابع التنموي بمنطقته .
يتميز الرايس لحسن أجماع بجملة خصائص جعلت منه قمة من قمم النظم في اسايس ، اولها أنه يتمتع بصوت قل نظيره في تاريخ هذا الفن ، صوت يتميز بالحدة و القوة و النفاد الى الاغماق ، و بجمال التنغيم و الترنيم و بالقدرة الكبيرة على تنويع مستويات الاداء و الالقاء ، مما جعل ألحان الانشاد التي لا حصر لها تتخد لى أجماع طابع خاصا و خصوصيا يتمثل في طريقته الخاصة في الاداء ، و الذي يبعد عن الاداء الالي المعتاد و الروتيني ، و يصل حد الابداع و الابتكار ، و هي كلها خصاءص تجعل من حضور الرايس لحسن أجماع في أسايس حضورا غير عادي لما له من هيبة و صولة تتخد لدى الكثيرين طابعا سحريا باعثا على الاعجاب و الاحترام .
و لعله لا يكفي أن يتمتع الرايس بصوت جميل ، بل يتوقف الامر بجانب ذلك على كيفية استعماله ، و في هذا تبرز عبقرية لحسن أجماع الذي يحسن استثمار الطاقات الكامنة في صوته الى أبعد حد ، يمكنه من ذلك طول نفسه الذي يمنحه القدرة على الاجادة في أداء اللحن بعمق و بطء و استكمال درجات و مستويات أدائه حتى النهاية ، و مع القدرة الفائقة على أداء الالحان في مستويات صعبة قد لا يبلغها غيره من شعراء احواش .
و من أهم عوامل النجاح في الاداء الصوتي للرايس لحسن أجماع قدرته على الحفاظ خلال الانشاد على فصاحة اللفظ و بيان النطق بالكلمات و مخارج الحروف و الاصوات بالشكل الذي لا يشوش على المعاني مما يجعل المستمع اليه يجمع بين متعة الاستماع الى الصوت و الاداء و متعة تلقي و فهم الخطاب الشعري .
هذه القدرات الصوتية تنعكس على حضور الشاعر في أسايس و على شكل و قوفه و تنقله امام الجمهور ، حيث يظل دائما على حالة من الهدوء و الاتزان رغم الانشاد و ارتفاع و ثيرة المبارزة الشعرية و حدة ردود الافعال المتبادلة .
و من اهم مميزات الرايس لحسن اجماع احاطته بكل الحان الانشاد المتداولة باحواش سواء بجبال الاطلس الصغير او سهل سوس ، مما جعله شاعرا يتجاوز بخبرته حدود المنطقة التي ينتمي لها ، كما انه اشتهر بقدرته على تغيير الالحان بشكل مباغت خلال المحاورة مما يكسر رتابة الانشاد و يزيد من متعة الجمهورالمستمع .
ينضاف الى موهبة الصود و الانشاد عند الرايس لحسن أجماع اسلوبه في النظم و بناء الصور الشعرية ، فالذي يبدو في تجربته أنه شاعر يميل الى المزج بين الصناعة و الطبع و السليقة ، ذلك أن الرايس لحسن لا يكتفي بتوليد المعاني و ابداع الاشعار خلال الحوار المرتجل ، بل هو أيضا صانع للقصيدة و المقطوعات الشعرية التي يعدها سلفا خارج أسايس ، مما جعل منه أحد ابرز شعراء " أسوسّ " ، حيث تظهر مهارته في خلق الصور الشعرية الجميلة ، مع قوة اللفظ و عمق المعنى و حسن السبك ، و هي نفس الخصائص التي نجدها تميز حواراته المرتجلة ، حيث تقع الكلمة المناسبة في المكان المناسب في الجملة ، و قد تبحث عن غيرها فلا تجد احسن مما أختاره الشاعر بحسه الجمالي المرهف ، مما يطبع شعره كله بنوع من الفخامة ، و هذا يجعلنا نعتبر أن البناء الشعري لدى الرايس لحسن أجماع يقوم على المزاوجة بين جودة السبك الذي يخلو من التلبك او الخلل في الايقاع أو النشاز في الاحرف و الكلمات ، و بين جدة المعنى و عمقه و لطافته أحيانا ، حيث التلميح و الغمز و الاستعارة و المجاز عن التصريح المباشر ، مما يجعل الرمزية آلية الرايس المفضلة كما هو شأن اماريرن القدامى .
أما على مستوى الايقاعات و الاوزان فيتميز شعر الرايس لحسن أجماع بالوفاء التام للضوابط الايقاعية التقليدية ، بشكل يصب معه العثور على ما يزعج الاذن أو يخل بالوزن ، و يساعده على ذلك صوته و طريقته في الانشاد التي تعتبر بمثابة ميزان دقيق و غربال الكلمات و الجمل ، حيث تخرج الابيات الشعرية من فم الشاعر منظومة أنيقة كعقد من اللؤلؤ .
و بسبب تراكم الخبرات و التجارب و كثرة المعارك التي خاضها الرايس لحسن أجماع خلال حياته الفنية الزاخرة بالعطاء ، فقد أصبحت له طريقته الخاصة في افتتاح النظم و الانشاد و توجيههما الوجهة التي يريد مهما كثر عدد المتحاورين في اسايس ، كما أنه لا يدخل أسايس بدون خطة و تاكتيكات تبدو من خلال اسلوبه في المناورة وفي المحاورة الشعرية ، التي تعتمد اللين أحيانا و الشدة أحيانا أخرى .
و تبرز الخصائص المذكورة ملامح الشخصية الفنية لدى الرايس لحسن أجماع ، كشخصية شامخة معتدة بموهبتها الفياضة ، و هو ما ساهم بشكل ملموس في تغيير صورة أمارير أي شاعر أحواش لدى الناس و جمهور أحواش ، و لدى محبي و متدوقي هذا الفن العريق جدا ، و لقد أنتج الرايس لحسن أجماع شعرا غزيرا لا يسعه كتاب .