صدور كتاب حول دور الاعلام في الحفاظ على الهوية الامازيغية للباحث محمد الغيداني amazigh
أبرز الإعلامي والباحث المغربي محمد الغيداني أهمية وسائل الإعلام السمعية البصرية المغربية، في الحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية، وضمنها اللغة، لافتاً إلى الانتباه إلى أن الخطر الذي يهدد لغة ما ليس اللغة المجاورة، بل العولمة التي تعادي التنوع والتنوع الثقافي. ومن هنا، يندرج الدفاع عن الأمازيغية كطريقة لتأمين الحماية للتعددية اللغوية والثقافية والفكرية.
بهذا الخصوص، قام الإعلامي الغيداني في كتابه «الإعلام السمعي البصري الأمازيغي ومسألة الهوية» الصادر حديثا، برصد وتقييم حضور الأمازيغية في الإذاعة والتلفزيون المغربيين، حيث أشار إلى أن الإذاعة الأمازيغية المغربية حافظت على دورها الريادي في خدمة الأمازيغية بكل تجلياتها، على الرغم من التحولات التي شهدتها، سواء المتعلقة بظروف العمل وتطور ساعات الإرسال وتعاقب عدة مسؤولين وعاملين عليها، أو المتعلقة بتحوّل وضعيتها في إطار الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، بعد تحرير المشهد الإعلامي الوطني بانتقاله من التبعية الإدارية للوظيفة العمومية إلى مجال القطاع الحر.
أما في ما يتعلق بمكانة الأمازيغية في التلفزيون العمومي قبل إحداث قناة «تمازيغت»، فأبرز مؤلف الكتاب دور القنوات العمومية في خدمة الأمازيغية والحفاظ عليها لغة وثقافة وحضارة، موضحا أن المؤسسات المعنية بالقطاع السمعي البصري في المغرب لم تول اهتماما كبيرا للأمازيغية منذ استقلال البلاد أواسط خمسينيات القرن الماضي. كما توقفت عن محاولات ونضالات النخب الأمازيغية وجمعياتها الثقافية و»المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية» الذي وضع بين أولوياته الدفاع عن الأمازيغية، حتى تأخذ المكانة التي تستحقها في التعليم والإعلام، بالزيادة في ساعات إرسال الإذاعة الأمازيغية وإخراج قناة «تمازيغت» التلفزيونية إلى حيز الوجود.
ومن خلال تقديم معطيات وإحصائيات حديثة، لفت الإعلامي الغيداني الانتباه إلى تحسن وارتفاع نسب برامج الإذاعة الأمازيغية، حيث شهدت عدة تحولات تتعلق بإنتاج مختلف أصناف البرامج الإذاعية وبث المواد الفنية والغنائية التي حققت أرقاما مهمة تستجيب وتستوفي الشروط والمواصفات التي ينص عليها «دفتر التحملات» (عقد الالتزامات) الخاص بالإذاعة الأمازيغية.
وبعدما حلل وضعية الأمازيغية في القنوات العامة، توقف الكاتب عند قناة «تمازيغت» التي جاءت تتويجا لمسار متعدد المراحل والمحطات التاريخية، فكانت المحطة الأولى خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس في منطقة أجدير الجبلية في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2001، حيث أكد على ضرورة النهوض بالثقافة واللغة الأمازيغيتين، تلا ذلك تأسيس «المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية»، ثم تشكيل لجنة لإدماج الأمازيغية في القطاع السمعي البصري جمعت بين وزارة الثقافة وممثلين عن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وقد عُهد إليها إيجاد صيغ ملائمة لإدماج الأمازيغية في الإعلام العمومي المغربي، وخلصت أعمال اللجنة إلى التوصية بتعزيز البرامج الناطقة باللغة الأمازيغية في القناتين الأولى والثانية وفي القنوات الإذاعية العمومية.
وأثنى محمد الغيداني على قناة «تمازيغت»، مؤكدا أن العاملين فيها يبذلون جهودا كبيرة، مما جعل القناة تترك صدى طيبا ونجاحا جماهيريا واسعا، فاحتلت تلك القناة مكانة خاصة في الأرياف والمغرب العميق المهمش، لأن المشاهد المغربي وجد نفسه أمام وسيلة إعلامية جذابة بلغته الأم وببرامج إخبارية تعبّر عن احتياجاته وطموحاته. وفي مقابل الإيجابيات، ذكّر المؤلف أن تطوير أداء قناة «تمازيغت» رهين بتأهيل الصحافيين واستقطاب وجوه وأصوات وطاقات مهنية جديدة، من دون إغفال تنظيم دورات تدريبية لفائدة الصحافيين قصد معالجة مجموعة من الصعوبات المرتبطة باللغة وطريقة الكتابة والتعبيرات المستعملة في النشرات الإخبارية، من أجل ضبط تقنيات التعبير الصحيح للأمازيغية.
الجدير بالذكر أن الكتاب الواقع في 204 صفحات من القطع المتوسط، يتصدره تقديم كتبه الخبير الأكاديمي موحى الناجي، حيث أشار إلى أن الإعلامي والباحث محمد الغيداني استطاع أن يبين دور الإذاعة والتلفزة في الحفاظ على الهوية واللغة، إذ تشكل هذه الأخيرة الركيزة الأساس لنجاح وسائل الإعلام. كما استطاع أن يبرز وظيفة الإعلام النبيلة، بأسلوب جميل ولغة راقية، تستهوي القارئ، محللا واقع الإعلام المغربي الذي ينبغي أن يضاعف الجهود لخدمة الأمازيغية لغة وثقافة وحضارة.