تاريخ شمال افريقيا الفكري والثقافي الامازيغي لا ينضب رغم ما طاله من زيف وتحريف من خصوم الامازيغ
بقلم : مزوز عبد الرحيم
يحاول البعض اليوم تشويه صورة الامازيغ الفكرية والثقافية ويحاولون بشتى الطرق تقزيم حجم ودورهم في الحركة الفكرية الإنسانية عبر التاريخ ، وللأسف الشديد هذه الحركة المُمنهجة الخبيثة التي تقودها احدى التيارات العنصرية المعروفة انخرط فيها الكثير حتى من الامازيغ أنفسهم ناطقين وغير ناطقين، هذه الحركات استطاعت التغلغل في عقول البعض نتيجة سياسة التجهيل المستمر والتزييف في الحقائق واعتماد الدين كوسيلة ناجعة لصد أي محاولة تفكير خارج الصندوق المظلم.
اثار مدينة تيمكاد الامازيغية الاثرية بشمال افريقيا والتي كانت مأهول مند قرون قبل الميلاد |
فلقد شهدت شمال افريقيا على مر العصور موجات عديدة من عمليات الاحتكاك مع شعوب كثيرة أدت الى تبادل ثقافي وفكري كبير ، فقبل دخول الإسلام الى شمال افريقيا أي قبل نهاية القرن السابع ميلادي تقريبا، اعتنق الامازيغ القدماء العديد من الأفكار والاديان منها السماوية و التوحيدية و الأفكار الفلسفية العقلانية بعضها محلي وبعضها مستورد وأبدعوا كثيرا في العلوم الصورية التجريدية والآداب.
وكانت في شمال افريقيا العديد من المراكز الثقافية العلمية التي انتجت الكثير من الفلاسفة كالفيلسوفة آريتي الامازيغية القورينية و الأديب و الفيلسوف وصاحب اول رواية في التاريخ أفولاي ن مادورا والعديد من اللاهوتيين أمثال أغوستين ، وحج لشمال افريقيا الكثير من فلاسفة اليونان الكبار لطلب المعرفة كأفلاطون الذي كان يقصد مدينة قورينا ( مدينة في ليبيا حاليا كانت تنافس الإسكندرية كمركز ثقافي في شمال افريقيا ) .
كما شهدت شمال افريقيا العديد من الحركات السياسية كالحركة الدوناتية باللاتينية Donatismus ذات طابع ديني التي ظهرت عام 312 م وانتشرت خصوصا في القرى النوميدية التي كان الامازيغي دونات الأكبر "مؤسس هذه الحركة" يلجأ اليها ويحتمي عند اهاليها وظهرت نتيجة تسلط الكنيسة المركزية الكاثوليكية ومن أسباب نشأتها و انتشارها لخصها الدكتور عبد سلام بن ميس في كتابه مظاهر الفكر العقلاني في الثقافة الامازيغية القديم في 5 نقاط :
1. التعذيب الذي مارسه الامبراطور ديوقليانوس على المسيحيين بشكل عام.
2. الصراعات الشخصية بين رجال الدين.
3. المحاباة لرجال الكنيسة لاعتبارات عرقية.
4. العوز الذي كان منتشر عند سكان النوميديين.
5. تسلط المسؤول الديني الأعلى على رجال الدين النوميديين.
وكان اعتقاد اتباع المذهب الدوناتي ان عقائد الكنيسة الكاثوليكية تعرضت الى الزيف والتحريف وكثيرا ما دار الجدل بين الممثلين الرسميين للكنيسة الكاثوليكية يقودهم القديس الامازيغي اغوسطين والدوناتيون وتعتبر هذه الحركة اول حركة فكرة علمانية في المجتمع الامازيغي، كما عرف الأمازيغ المنطق وبرعوا فيه ومن أبرز روادها ابوليوس المداوري "افولاي ن مداوروش" واشتهرت في هذه الفترة فكرة جيومركزية الأرض أي ان الأرض هي مركز الكون.
ان تاريخ شمال افريقيا الفكري والثقافي لا ينضب وإن الباحث في تاريخ الأفكار في شمال افريقيا سيعلم مدى الزيف والتحريف الذي طال هذه الحضارة العظيمة وأن ابسط ما يمكن للأمازيغي ان يقوم به هو التعريف بهذا التاريخ الكبير والتعريف بأبرز رواد الفكر الامازيغي لغلق الطريق امام مروجي الخرافات والنظريات الخاطئة.
المراجع
مظاهر الفكر العقلاني في الثقافة الامازيغية القديمة _ عبد السلام بن ميس