اللعبة الأمازيغية العريقية تاقورا .. اللعبة الوحيدة في العالم التي كانت تمارَس لغاية إجتماعية نبيلة
تعتبر لعبة تاقورا أو تاقوراشت أو هاكورث حسب إختلاف النطق بالمناطق الامازيغية المتباعدة .. أحدى الألعاب الامازيغية العريقة والفريدة والمتجذرة في التاريخ القديم .
كانت تمارس لدى أمازيغ المغرب والجزائر وليبيا والطوارق أيضا ، ويسميها الطوارق أمكشاخ،وتقام في المناسبات والأعياد الامازيغية خاصة بداية فصل الربيع (تافسوت) وتلعب بعصا خاصة مصنوعة من جريد النخل تسمى (تاغريفت) اما الكرة فتكون مصنوعة من الاصواف أو عسف النخل وتكون ملفوفة بطريقة دائرية محكمة جدا.
من قواعد و قوانين هذه اللعبة يجب أن يكون هنالك فريقين متقابلين بلباس خاص كل واحد منهم يتكون من خمسة إلى عشرة لاعبين يتموقع في النصف الخاص به من الملعب و في كل نصف يوجد مرمى عبارة عن حجريين بارزين يسمى (أينين) يتولى حراسته أحد اللاعبين يسمى (أماضيف) تكون المسافة بين هذين الحجريين البارزين مسافة ثلاث خطوات كبيرة أي حوالي 4 أمتار .
وبعدما يتموقع كل فريق في النصف الخاص به، يقف الحكم في وسط الملعب بينهما ويسمى (أنفراي) ، ثم يرمى الكرة في السماء معلنا بداية المباراة .
لاعبين يمارسون اللعبة بمنطقة الاوراس بالجزائر |
وينطلق اللاعبون وفي أياديهم العصا الخاصة باللعبة و تسمى (تاغريفت) يحاول كل واحد منهم الحصول على الكرة وتمريرها لزميله في الفريق مثل لعبة الهوكي اليوم فيبقون في أخذ ورد إلى أن يتمكن أحد الفريقين من الوصول بالكرة إلى مرمى الخصم فإن سجل الهدف ودخلت الكرة بين الحجرين يهتف الحاكم بالكلمات التالية (أسوي، أسوي) ومعناها هدف هدف وهكذا دواليك إلى أن تنتهي المباراة، بنتيجة معينة، والفريق الفائز يحتفى به بطريقة خاصة تشعره بالفخر والاعتزاز .
لاعبين يمارسون اللعبة بمنطقة الاوراس بالجزائر |
في القديم كان الامازيغ خصوصا في منطقة الاوراس يمارسون هذه اللعبة وهم على أظهر الأحصنة (إمناين) وكانت النساء أيضا يمارسن هذه اللعبة، إما بفريقين من النساء أو بفريق من النساء ضد فريق من الرجال.
اللعبة الوحيدة في العالم التي تمارس لغاية إجتماعية نبيلة
كانت الغاية الاساسية من للعبة في القديم ليس الترفيه و إدخال الفرحة إلى قلوب اللاعبين والمتابعين فحسب بل كانت اللعبة كنظام اجتماعي أمازيغي في غاية الأهمية لعقد المصالحة بين الجماعات أو أفراد القبيلة المتخاصمين .
حيث كانت المباريات تقام من أجل عقد الصلح بين أفراد القبائل المتخاصمة وكذلك بين الاشخاص المتخاصمين من نفس القبيلة، وكان المشرفين على اللعبة يتولون تجميع الأشخاص المتخاصمين في نفس الفريق لإعلان عقد صلح حبي بينهم وكانت تقام لمدة ثلاثة أيام للرجال، أما النساء لمدة أسبوع لصعوبة الصلح بينهن ،وتنتهي اللعبة بالعناق وإعلان المشرفين على اللعبة قيام الصلح بين المتخاصمين ، و إعتذار و إحتفاء الفريق المنهزم بالفريق الفائز.
لاعبين يمارسون لعبة تاقورا الامازيغية جنوب المغرب |
فعندما كانت قبائل كثيرة قديما في جل مناطق العالم في القديم تشهر السيوف لتصفية الحسابات والخلافات بالاقتتال والتطاحن في ما بينها ، كان الامازيغ يشهرون عصا التاغريت الخاصة باللعبة إعلانا للرغبة في المصالحة فيما بينهم سلميا وحضاريا عبر لعبة تاقورا الامازيغية العريقة .
واليوم للأسف لا تولي الحكومات العروبية في شمال افريقيا أي إهتمام لهذه اللعبة الامازيغية العريقة من أجل الحفاظ عليها، حيث تكاد هذه اللعبة الامازيغية العريقة تندثر مثل الكثير من الالعاب الامازيغية التقلدية الفريدة المتوارثة مند قرون، حيث لم تعد تمارس هذه اللعبة سوى للترفيه دوريا في بعض المناطق الامازيغية القليلة جدا جنوب المغرب وللأسف لم يبقي لها وجود فعلي في الجزائر إلا في بعض المناطق الاوراسية الناطقة بالامازيغية.