كل عام وأنتم بلا أمازيغية ... بقلم الناشط الامازيغي سعيد الفرواح
الأربعاء: 30/01/19
هذا ما يقوله للأمازيغ لسان حال الدولة المغربية بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة التي حلت بعد أيام من تصريح الناطق بإسم الحكومة بكون مرسوم إقرارها كعيد وطني على طاولة رئيس الحكومة وقيد الدراسة من طرفه، وبعد أن مضى رأس السنة الأمازيغية الجديدة دون اتخاذ أي قرار، فغالبا لن يشرح أحد للأمازيغ الأمور التي تمنع ذلك، وما إذا كانت الحكومة هي المسؤولة أم لوجود "فيتو" من جهات أخرى، لا ترى كما هو الشأن طوال السنوات الماضية، أن الوقت قد حان لإقرار حقوق الأمازيغ والإعتراف الحقيقي بهم.
وسواء في وجود أو غياب الفيتو ضد الأمازيغية، يبدوا مثيرا للغرابة احتفال حزب الأحرار الموجود في الحكومة والذي يقف أمينه العام خلف تشكيلها برئاسة العثماني بالسنة الأمازيغية، بدل أن يجتمع مع حلفائه ليتخذوا قرارا بجعلها عيدا وطنيا، وأخنوش بالمناسبة يعيد تكرار ما سبق لحميد شباط أن قام به حين كان أمينا عاما لحزب الإستقلال، ولعل أخنوش قد يربح ما جناه حميد شباط جراء محاولات جعل الأمازيغية وسيلة لتسجيل النقط ضد الخصوم وورقة للإستقطاب، أي ببساطة سيحصد الرياح، مادامت نسبة مقاطعة الأمازيغ للإنتخابات ترتفع مع كل انتخابات لا العكس.
إن الدولة بكل مؤسساتها والأحزاب جميعها تتحمل مسؤولية الوضع الراهن للأمازيغية الذي ظل طوال السبع سنوات الماضية كما كان قبل ترسيمها، بعد أن انتهت ولاية حكومة بنكيران بخرق الفصل 86 من الدستور الذي يلزم البرلمان السابق بالمصادقة على قانون الأمازيغية قبل نهاية ولايته، وهو ما لم يحدث، وإن صادق المجلس الوزاري على مشروع القانون الذي صيغ بعيدا عن الإشراك المطلوب للأمازيغ، وما انطبق من تماطل على قانون الأمازيغية ينطبق على بقية الحقوق الأمازيغية ولو كانت رمزية فقط كإقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا.
إنه استمرار لواقع "الفيتو" على عهد حكومة "العثماني و أو أخنوش" ضد أي إنصاف حقيقي للأمازيغية أو إقرار بحقوق الأمازيغ، ولا يلوح في الأفق آوان انتهاء لعبة تضييع الوقت والإلهاء والآلاعيب السياسوية الصغيرة، والإستغلال الحزبي المتأخر المناسباتي لقضية يظهرها من يقفون ضدها ثانوية أو هامشية، ويوما بعد آخر يبرزها الشعب شامخة عظيمة، قضية صار مؤكدا أن مصلحة البعض تكمن إما في تهميشها أو جعلها حطب صراع سياسوي صغير، بين الحلفاء في كل الحكومات/الخصوم في كل الانتخابات.
لعل الوقت ربما قد حان ليكف الأمازيغ عن مطالبة الدولة بتفعيل ما ورد من حقوق في دستور 2011، ويناضلوا بدل ذلك من أجل الحقوق التي لم يتم التنصيص عليها بعد في الدستور، فالديمقراطية الحقيقية صارت شرطا لا مفر منه لأي تغيير حقيقي وأي حل لقضايا الشعب، فلا أمازيغية ولا حقوق اقتصادية أو اجتماعية ولا شئ في ظل الوضع الحالي الذي يبدوا أنه صار عصيا على الإصلاح، ليس لغياب الإرادة السياسة فقط، بل لأن من يتواجدون في مواقع المسؤولية يرون في أي تغيير أو أي إقرار بحق من حقوق الشعب خسارة لهم، وهم يستفيدون من المغرب كما هو بأزماته ومشاكله وسوء أوضاعه، كما يستفيدون من الأمازيغية وهي في مربع التهميش.
إن عدم إقرار رأس السنة الأمازيغية كعيد وطني، وهو مجرد أمر رمزي، لا يتطلب سوى جرة قلم، يعطينا فكرة مفادها أن الدولة لا نية لديها لإقرار أي حق من حقوق الأمازيغ، ولن ترصد ميزانيات لتعليمها أو لإدماجها في دواليبها أو لأي شئ آخر، فمن يستكثر جرة قلم على الأمازيغ لن يقدم لهم ما هو أكثر منها إلا مكرها، وما لم تتحرك الجهات العليا في الدولة أو ينتفض الأمازيغ سنظل كل عام بلا أمازيغية وبدون حقوق..
بقلم: سعيد الفرواح