اللغة يفرضها أصحابها أولا أيها الأمازيغ
بقلم: مبارك بلقاسم
حينما تطالب الجماهير الأمازيغية المغربية بحقوق اللغة الأمازيغية مثلا يفترض بهذه الجماهير أن تتصرف على هذا الأساس في حياتها اليومية. ولكن هذا لا يحدث. ولم تفلح الجماهير الأمازيغية في الخروج باللغة والثقافة الأمازيغية من الفولكلور والعادات والتقاليد والشعارات. هذا ما يجب أن نعترف به ونعمل على تغييره. وهذا السلوك المتمثل في الانفعالية الظرفية المهرجانية والتناقض مع الذات لهو الكفيل بإفراغ الأمازيغية من محتواها تمهيدا لتدميرها.
وقد أصبحت الأمازيغية في المغرب حديث الساعة داخل المغرب وخارجه بشكل قد يبعث على التفاؤل لدى البعض. ولكن الشيء الذي لا ننتبه له هو أن الأمازيغ أنفسهم هم، في الحقيقة، من أصبح يحول الأمازيغية إلى فولكلور وأما السلطة المخزنية فلا تتجه إلا إلى ركوب الموجة في إطار فلسفتها "كل مالا يضرني نافع". وإن هذا السلوك لهو أخطر على الأمازيغية من السلطة لأنه يتم برضا الأمازيغ أنفسهم. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نطالب السلطة بالاعتناء بالأمازيغية إذا كنا نهملها إهمالا.
أما إذا كان بعض من الأمازيغ يريدون حقا، وبملء إرادتهم، بناء أجيال هجينة لغتها أجنبية وثقافتها أجنبية خالصة لا تربطها بالأمازيغية سوى لهجات شبه أمازيغية وأهازيج ورقصات فولكلورية وحلي وأوانٍ فخارية وأكلات شهية وحروف أمازيغية تتخذ للتزيين لا يعرفون معناها، فيجب أن يعبروا عن ذلك بوضوح ويشرحوا ذلك للسلطة! حتى يتضح الخيط الأبيض من نظيره الأسود ويتسنى لمحبي الأمازيغية الحقيقيين العمل بوضوح ودون تشويش ليتضح المصير الحقيقي للأمازيغية. والمقصود ب"المصير الحقيقي" هو المشروع الحضاري الأمازيغي مجتمَعا وعِلْما وثقافة.
أما النسخة الفولكلورية من "ثيموزغا" فلا خوف عليها أبدا. فكيف نخاف على هذه النسخة الفولكلورية من الأمازيغية والسلطة المخزنية تحميها وتدافع عنها بل وتجني منها مئات الملايين من الدولارات بفضل مداخيل السياحة!
لذا وجب على كل من يريد للمشروع الحضاري الأمازيغي الحقيقي النجاح أن يبدأ بتعليم نفسه الأمازيغية قبل أن يطالب الآخرين بتعليمها وتعلمها.. أن يستعمل لغته للتعامل مع السلطة بدلا من لغة السلطة.. أن يستعمل منطقه ومنطق الأمازيغية بدلا من منطق السلطة.. أن يعلق على متجره أو مكتبه أو مؤسسته لافتات باللغة الأمازيغية ليبرز هويته واختياراته للسلطة.. حينما يفعل الأمازيغ هذا ستفهم السلطة أنهم واثقون من أنفسهم واختياراتهم، وحينئذ ستخضع السلطة لصوت الشعب.