العرب أمازيغ مازغة .. والعربية ماهي إلا لهجة أمازيغية قديمة تفرعت عن أمها الأمازيغية !
بقلم: مبارك بلقاسم
من بين التكتيكات التي يحلو للقوميين العرب والإسلاميين العرب استخدامها للتعامل مع «مشكلة الأقليات» (أقليات بالنسبة لهم) هي تكتيك الاحتواء والاستيعاب. أي استيعاب «الشعوب العجمية» التي تتمسك بهويتها و ترفض العروبة عبر نعتها بكونها «عربا عاربة أو مستعربة» تنتمي إلى «العالم العربي». (مثلما فعلوا مع الكورد والأمازيغ والنوب والاقباط والسريان والأشور ...الخ) فتدخل حضارات بأسرها بما حملت في «الكراج» العربي الخرافي الكبير المعشعش في تخيلات مجانين القومية العربية.
هذا التكتيك المخادع والكسول يحل مشكلة «الأقليات» بكلمة سحرية واحدة من ثلاثة حروف «ع.ر.ب». وبهذا يضمن هؤلاء القوميون القبليون العرب بقاء تلك «الأقليات» داخل العباءة العربية إلى الأبد. وهذا يجلب مزيدا من الراحة للعقل القومي العربي الخامل بإعفائه من المجهود العقلي والبحثي والتأملي ومن النقد الذاتي، وجعله يتعيش ويقتات على إنجازات الآخرين.
فمهما «طلعوا أو نزلوا» فهؤلاء الأمازيغ البربر عرب عاربة «لامفر لهم من عروبتهم المجيدة»!! حسب القوميين العرب. هذا الخطاب العربي النرجسي المريض لا يدل سوى على تعطل أهم أجزاء العقل لديهم واستسلامهم للتمنيات التي تضمن استمرارية الوجود العربي الخرافي بنسب وجود وتاريخ وإنجازات الآخرين للعرب.
فالأميريكيون والأوروبيون لم يتقدموا إلا بالعرب! ولم يصعدوا إلى الفضاء إلا بالعرب! رغم أن العرب لم يصعدوا للفضاء! وأوروبا تجحد فضل العرب! باستثناء المنصفين منهم!
والبربر عرب عاربة من اليمن! بل إنهم من الشام! والشام عرب مستعربة! عفوا الأمازيغ إذن عرب مستعربة وليست عاربة! كلمة الأمازيغ كلمة مصطنعة اخترعها البربر! ثم إنها مؤامرة! والغرب والصهيونية يريدون تقسيم العرب! لأن العرب أقوياء! عفوا بل ربما لأنهم ضعفاء! الغرب والصهيونية يستخدمون الأقليات كورقة ضغط ضد العرب! ولكن الكل عربي! إذن فالغرب الصهيوني أحمق لأنه يظن أن البربر ليسوا عربا!
العروبة فضيلة كونية مثل الفضائل الأخرى كالصدق والحب والأمانة والكرم والتسامح والتضامن! هوغو تشافيز عربي لأنه تضامن مع العرب «الحقيقيين» في آسيا! لأنه لا يمكن أن يتضامن شخص مع العرب إلا إذا كان عربيا! أما بالنسبة للقوميين العرب في المروك فلا بأس أن تشافير متضامن أيضا مع الانفصاليين العرب «المزيفين» (البوليزاريو)! المهم أنه تضامن مع العرب الحقيقيين! وهذا هو المهم في هذه المرحلة! لأن المصلحة العربية فوق المصلحة المروكية طبعا!
العرب أقدم الشعوب! بل أولها! بداية تاريخهم غير معروفة! ولغتهم أم اللغات ! وهذه هي عبقرية العرب! تاريخ العرب بلا بداية ولا نهاية! آدم عربي! إبراهيم عربي! موسى عربي! عيسى عربي! فرعون عربي! بوتفليقة عربي! محمد السادس عربي! زين الدين زيدان عربي! ابن خلدون عربي! ابن رشد عربي! ابن سينا عربي! الرازي عربي! شيكسبير عربي! المهاجرون الشمال أفريقيون في أوروبا عرب! كلهم عرب!
ورغم أن هذه الدوامة من الهلوسات والخرافات والأفكار المتضاربة لا تليق إلا بنزلاء مستشفى المجاذيب الذين يختلط عليهم كل شيء في هذا العالم، فإننا نسمعها ونقرأها يوميا في إعلام العرب على ألسنة مثقفي العرب! حيث يأخذونها وكأنها حقائق مؤكدة راسخة.
العرب أمازيغ مازغة! وأمازيغية اليمن و الشام والحجاز عبر التاريخ !
تصوروا معي لو أننا قمنا ولو على سبيل التجريب أو الدعابة والمشاكسة بادعاء الأصل الأمازيغي للعرب وتقليد القوميين العرب في وقاحتهم واستخفافهم بالشعوب وحضاراتها واستخدمنا «سحرهم» ضدهم وقلنا لهم بأن «العرب ما هم سوى أمازيغ مازغة أكثر أمازيغية من الأمازيغ أنفسهم» وأن العرب في آسيا ما هي إلا قبائل أصلها من شمال افريقيا من سوس والريف وتامسنا وتينبوكتو هاجرت إلى اليمن والشام والحجاز منذ القديم وأن جدها هو مزغان الأكبر!. (وهذا غير مستبعد علميا لأن افريقيا هي مهد البشرية)
ماذا لو قلنا لهم بأن العربية ما هي إلا لغة أمازيغية تفرعت عن أمها الأمازيغية الأولى! وبالتالي فالأمازيغية أرفع مقاما من العربية! وأنه يجب على كل العرب تعلم الأمازيغية والعودة إليها والتخلي عن عربيتهم التي هي مؤامرة صهيونية رومانية ضد الأمة الأمازيغية والعالم الأمازيغي!
كيف ستكون صدمتهم؟ هل سيأخذونها كنكتة طريفة؟ أم أنها ستريهم الوجه القبيح لسخافاتهم؟ كيف سيشعرون لو قلنا لهم بأن كل إنجازات العرب في الماضي والحاضر والمستقبل ستدخل في «الحساب البنكي» للأمازيغ لأن العرب أمازيغ مازغة وبالتالي فهم يدخلون في الملكية الأمازيغية، وأن العرب «فيء» للأمازيغ!
هل سيتمكن هؤلاء العرب حينئذ من تذوق الاستخفاف بتاريخ وهويات الشعوب حينما يقع عليهم؟ هل سيدفعهم إلى التفكير والتدبر والتأمل في طريقة تفكيرهم وإعادة النظر في حدود إمبراطوريتهم العربية المنتفخة الخرافية التي نفخوا فيها باستخدام إنجازات الآخرين مثل الخوارزمي وعباس بن فرناس و ابن خلدون وابن سينا وابن رشد والرازي وليون الأفريقي وإبن بطوطة ..والقائمة طويلة؟.