متى يتوقف المسلمين عن إشاعة الجهل والخرافات والأوهام .. بقلم احمد عصيد
بقلم : أحمد عصيد
19 مارس 2020
في الحاجة إلى ضمير جَمْعي منتج وفعال .
تدهشني قدرة غالبية المسلمين على الممانعة والعناد، العناد ضدّ التغيير والنقد، وضدّ العلم والتفكير الواقعي والمنطقي، والقيم الإنسانية. إذ بهدف الانتصار لعواطفهم الوجدانية التي يعتبرونها آخر ما تبقى لهم، تراهم مستعدين للتنكر للعالم بأسره، حتى ولو ظهر خطأهم وصار أنصع بيانا من أي وقت مضى....
ورغم أنهم يعرفون مثلا أنهم لا منقذ لهم من الأوبئة إلا بالعلم والبحث الدؤوب عن اللقاح الفعال، إلا أنهم في انتظار أن يحقق غيرهم ذلك، لا يتوقفون عن إشاعة الخرافات والأفكار المضادة للتدابير الحازمة، المنتظرة من كل بلد يواجه هذه الآفة، وهم ينجحون في ذلك داخل أوساطهم، بفضل الخوف وضعف الكائن البشري أمام قوى الطبيعة، وأمام المجهول.
يتشبث غالبية المسلمين بـ"خصوصيتهم" التي ليست سوى الإيمان بالمعجزات والخوارق، والتنكر مع سبق الإصرار للعلم وللكثير مما ينتجه العقل من ثمرات المعارف الجديدة، لأنه يرمز لديهم إلى تفوق الآخر وهزيمتهم....
ويظهر هذا من مفهوم "العلم" ذاته في الثقافة الإسلامية، فمن ينطق كلمة "علماء" في بلدان العالم المتقدم، ينصرف ذهن المستمع إلى المختبرات والنظريات الجديدة وجوائز نوبل ومناهج العلوم الدقيقة ومعدات البحث التي تطورت في السنوات الأخيرة بشكل مذهل، بينما بمجرد نطق نفس الكلمة في بلاد المسلمين تنصرف أذهانهم إلى أصحاب العمائم واللحى المرسلة، أولائك الذين ينتجون من الكلام ما يزيد على القدر المألوف والضروري.
إن الثقافة السائدة في كل مجتمع هي التي تحدّد سلوكات الأغلبية وأنماط وعيهم، وكذا الشعور الوطني، وهي التي إما أنها تسمح بالإنتاج والنهوض، أو بالانغلاق والجمود. وفي لحظات الأزمة تحتاج المجتمعات إلى "ضميرها"، أي إلى تلك القيم التي تمكنها من التوحّد في مواجهة الصّعاب والتغلب عليها، وهذه القيم في الظرف الحالي لا يمكن إلا أن تكون قيم المواطنة والعلم والعمل والتضامن، وغير ذلك يعدّ إضاعة لوقت ثمين وإحباط للشعور الوطني.