مصممة ألمانية تقوم بإحياء المنتوجات التقليدية الأمازيغية بطريقة عصرية وتبيعها للمشاهير باوربا ـ صور
سظيت الصناعة التقليدية الامازيغية بفرصة ذهبيبة بعد الدخول للسوق الألمانية بقوة، بعدما قررت ماركة ألمانية في برلين ترويج بعض المنتوجات الجلدية التقليدية الأمازيغية في في بلدان اوربا وامريكا اللاتينية . وتفتح هذه الخطوة آفاقا جديدة لصناعة يدوية كادت تدخل طي النسيان ...
مظاهر الموضة في برلين تزخر مزيج انتقائي يبدو جليا منذ الوهلة الأولى للمتجول في شوارع المدينة. وقبل سنوات قليلة فقط بدأت المصممة الألمانية أندريا كولب بإضافة لمسات وأساليب نوعية ومميزة لهذا المشهد، بعد أن عادت من المغرب، و معها حقيبة أمازيغية قديمة مصنوعة من الجلد على الطريقة التقليدية الأمازيغية، قدمت لها كهدية.
ومن خلال هذا المنتوج الأمازيغي الذي أثار اهتمام الناس و فضولهم انطلق مشروع أندريا...
تقول المصممة الالمانية أندريا كولب " .. ذهبت إلى مراكش لإجراء عمليات ترميم و تجديد لمنزل قديم، وهو عبارة عن رياض، و التقيت هناك بصناع تقليديين مسنين، اشتكوا لي من أن مهنهم في طريق الاندثار وأنهم بدأوا يفقدون الاحترام". وتضيف قائلة: " بعدها حصلت على حقيبة جلدية أمازيغية قديمة مصنوعة يدويا و وأخذتها معي إلى ألمانيا، وقد أعجب كل أصدقائي بها كثيرا و أرادوا الحصول على مثلها".
حقيبة جلدية امازيغية تقليدية |
ما تتحدث عنه أندريا هو عبارة عن حقيبة يدوية مصنوعة من الجلد بتصميم خاص، و هذا النوع من الحقائب يستعمله عادة الرجال الأمازيغ في المغرب ليس لحمل الاموال والاغراض فحسب بل للزينة والتميز ايضا. تتميز هذه الحقائب بكونها سميكة و متينة لأنها مصنوعة من جلد الطبيعي و لكنها ناعمة عند لمسها وذات حامل حريري. و يتم تزيين الغلاف الجلدي العلوي للحقيبة بدقة وإتقان من خلال طرزها بزخاريف و بأشرطة حريرية ذات ألوان زاهية مشرقة.
" من هنا بدأت الفكرة تنمو في تصوري، كما تلاحظ المتحدثة كولب. "فمن جهة وجدت أن هناك حرفيين مهنيين في المغرب لا يتقاضون سوى القليل من حرفهم اليدوية، و من جهة أخرى يوجد هنا أناس يرغبون في الحصول على هذه المنتوجات ، لذا فكرنا في الجمع بين الجانبين"
خطة عمل فريدة
محفظة وحقيبة خاصة بحاسوب لوحي، مصنوعة بالطريقة التقليدية الامازيغية |
ترجمت المصممة الألمانية أندريا كولب الفكرة إلى مشروع فريد من نوعه، شمل انشاء مؤسسة، وماركة تحمل اسم "أبوري". وحاليا تباع "حقائب أبوري" في محلين تجاريين في برلين و في عشر محلات أخرى بألمانيا. قبل تنفيذ فكرتها واجهت كولب مشكلة تمثلت في ندرة الحرفيين الذين يتقنون صناعة مثل هذه الحقائب بشكل جيد حسب الطريقة التقليدية الأمازيغية .
و حتى داخل مدينة مراكش التاريخية، التي تعج بمظاهر الصناعات التقليدية، لم يكن من السهل العثور على الحرفيين بالنوعية التي كانت أندريا تبحث عنهم. ودفعها ذلك الى ربط الاتصال مع عمر النحلي، و هو مهندس مغربي كان يعمل في فرنسا. وهو يؤكد أيضا أن نوع المنتوجات الجلدية التي أثارت اهتمام أندريا و أصدقائها في برلين آخذة في الانقراض في المغرب. ويضيف عمر النحلي في حديث مع موقع DW " قبل أبوري لم يكن ممكنا العثور حتى في القرى على من يتقن مثل هذه الصناعة، لأنها بدأت تدخل طي النسيان و لم تعد تستأثر باهتمام الشباب ". ويقتصر استعمالها من طرف الشيوخ الامازيغ في المناطق الناطقة بالامازيغية.
لم يقلص هذا الواقع من عزيمة أندريا كولب و عمرالنحلي، الذين عثرا في النهاية على صانع تقليدي أمازيغي، وهو عمر فريج، الذي أنجز تصاميم لطرز حقائب خاصة ببرلين. بعدها تم التفكير في تصاميم عصرية حديثة مخصصة للهواتف الذكية والحواسب اللوحية. و تم التعاون مع مهندس فرنسي في ذلك. بعدها شرعت كولب في توفير إمكانية تدريب بعض الصناع في إحدى القرى القريبة من مراكش على كيفية خياطة و تطريز تلك المنتوجات التقليدية.
العودة إلى الأصل
قام عمر فريج، الصانع الأمازيغي، بتعليم وتدريب عشر نساء و ثلاثة رجال من القرية على إنجاز تلك التصاميم، حسب نموذج المصممة الالمانية، . وهؤلاء يعملون الآن بمعدل خمسة أيام في الأسبوع لمدة نصف يوم في التطريز و الخياطة. ويحصلون خلال فترة التدريب على مبلغ 170 يورو شهريا. وعندما يكتسبون التجربة الازمة فقد يصل المبلغ الى 900 يورو شهريا، حسب الحقائب التي يصنعونها في تلك الفترة.
وتعود الأرباح التي يتم تحقيقها من بيع هذه المنتوجات إلى مؤسسة أبوريز. ويستثمر جزء منها في إعادة تهيئة و تجديد قاعة استقبال الضيوف في القرية.
ويقول عمر " أنا سعيد جدا لأن المنتوجات التقليدية الامازيغية القيمة تحظى باهتمام أكثر من المنتجات المتداولة" ، و يضيف: "صناعة كل حقيبة تستغرق يومين، و كل واحدة تتميز بطابعها المميز".
لا مجال للتقليد
إضافة شرح |
بعد عودتها لبرلين، لا تستبعد كولب فكرة إنجاز تصاميم أبوري على منتوجات أخرى للحرف التقليدية الامازيغية المختلفة، غير أنها تحذر في نفس الوقت من نهج نفس المسار الذي اختارته.
لم يكن مسار مشروع أبوري ورديا حيث واجهته العقبات. وتقول كولب إنه لا يمكن الرفع من حجم أرباح المشروع بسهولة، فليست كلفة التصنيع في المغرب منخفضة، كما كانت تتوقع بداية، كما أن نفقات مؤسسة أبوري وتعويضات الوسطاء مرتفعة، يضاف إلى ذلك أن محلات الأزياء الراقية المتواجدة في ألمانيا، أو في زيوريخ ونيويورك المالكة لجزء من أسهم المؤسسة تسعى أيضا الى تحقيق هامش من الأرباح. ويعني ذلك أن حقيبة حاسوب لوحي، كما نصنعها، تكلف في الأسواق حاليا حوالي 250 يورو، أما محفظة هاتف ذكي من نفس النوع، فقد تصل قيمتها إلى 69 يورو، بينما يصل سعر بعض الحقائق الجليدية المميزة المطروزة المصنوعة يدويا الى 600 يورو للحقيبة .