إقصاء الأمازيغية من القانون الجديد المتعلق بلغة التقاضي يثير موجة غضب واسعة في صفوف النشطاء الأمازيغ
أثار تمرير البرلمان المغربي للمادة 14، من مشروع القانون الجديد الخاص بالتنظيم القضائي والمتعلق بلغة التقاضي في المحاكم المغربية، موجة غضب واسعة في صفوف الحقوقيين والنشطاء الأمازيغ المدافعين عن ترسيم الأمازيغية، والذين وجّهوا انتقادات حادة للنواب البرلمانيين بسبب إقصاء الأمازيعية من القانون الجديد رغم كونها لغة رسمية بقوة الدستور،و تأجيل إعتمادها في التقاضي الى أجل غير مسمى.
وتنص المادة 14 بأن اللغة العربية تظل لغة التقاضي والمرافعات وصياغة الأحكام القضائية أمام المحاكم، في حين تم إقصاء إستعمال الأمازيغية التي تم الاشارة إليها بفضفاضية يكتنفها الغموض بأنه يتعين العمل على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية طبقا للفصل 5 من الدستور. دون تحديد أي أجل محدد لذلك.
كما تنص المادة المذكورة أيضا، على إلزامية ترجمة جميع الوثائق المدلى بها أمام القضاء إلى اللغة العربية فقط ، بواسطة ترجمان محلف، ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك...كما يمكن للمحكمة ولأطراف النزاع أو الشهود الاستعانة أثناء الجلسات بترجمان محلف تعينه المحكمة أو تكلف شخصا بالترجمة بعد أن يؤدي اليمين أمامها”.
وفي هذا السياق، اعتبر الحقوقي و الناشط الامازيغي أحمد عصيد رئيس المرصد الأمازيغي لحقوق الانسان ، أن” الطبقة السياسية تعتمد فكرة مفادها أن الأمازيغية، في طريق التهيئة والإعداد لتمارس وظائفها الرسمية مستقبلا وليس الآن، وهو منظور خاطئ تم زرعه في الفصل الخامس من الدستور، وبناء عليه يتم التماطل والتسويف الحالي، كما تم انطلاقا منه، إضافة عشر سنوات مرت فارغة بدون أي إنجاز في تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية”...
ويضيف عصيد في تصريح للصحافة أن”ما تم التنصيص عليه في القانون التنظيمي الخاص بالتفعيل، وكذا القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الوطني للغات يدل بوضوح على أن أصحاب القرار الذين حرروا تلك النصوص ما زالوا ينظرون إلى الأمازيغية بنفس النظرة التحقيرية السابقة على مرحلة المأسسة والترسيم، ولا يريدون أن يعترفون بعشرين سنة مضت تم فيها إنجاز عمل جبار في تهيئة اللغة الأمازيغية لتصير لغة المؤسسات”.
وأكد عصيد خلال حديثه، أن”المادة 14 مناقضة للقانون التنظيمي الذي ينص في المادة 30 منه،على إدراج الأمازيغية في مجال التقاضي، كما أنها مناقضة للمخطط الحكومي الجاري حاليا لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”.
مهزلة الأحزاب!
من جهته، أكد الناشط الأمازيغي، سعيد الفرواح، في تصريح هاتفي لـ”بديل” أن” تمرير المادة 14، مثير للتهكم من الأحزاب التي ظلت تُصادق على مقترحات ومشاريع القوانين، في مختلف اللجان على مدى العشر سنوات الماضية وفيما يرتبط بالأمازيغية تلجأ لنفس الذريعة لتبرر إقصاءها، وهي انتظار تفعيل القانون التنظيمي لها معتقدة أن هذه المناورة تنطلي على الرأي العام.
وتساءل الفرواح في حديثه، عن “ماذا تنتظره تلك الأحزاب لتقوم بتفعيل قانون الأمازيغية؟، مادام ذلك ملقى على عاتقها، إنها مهزلة حقا أن تنتظر الأحزاب نفسها لتقوم بتفعيل قانون الأمازيغية.”
الأحزاب الممثلة في الحكومة والبرلمان؛ يؤكد الفرواح على أنها “حولت قانون الأمازيغية إلى آلية لجعل التمييز والعنصرية ضد الأمازيغية قانونيا، ومبررا بحكم غياب تفعيل ترسيمها، وهكذا مررت قوانين عديدة أقصيت منها الأمازيغية، وبعضها لم يكن التنصيص عليها فيه سيكلف الدولة إلا الحبر كما شأن قانون البطاقة الوطنية الذي صودق عليه بالإجماع كذلك”.
من جانب آخر، يضيف الفرواح أنه يتم استغلال” قانون الأمازيغية لتسقيف تطلعات الأمازيغ لحقوقهم وهو أمر إنطلى على البعض الذين لا يناقشون أو يفكرون اليوم فوق سقف ذلك القانون كما يتجاهلون قضايا الحرية والديمقراطية والعدالة وتوزيع الثروة وغيرها وكأن كل ما يريده الأمازيغ هو مجرد تفعيل لقانون منقوص ولد ميتا.”
محامون رافضون للمادة 14
وفي السياق ذاته، أعلن ثلة من المحامين بعدد من الهيئات بالمملكة، عن رفضهم للمادة 14 من مشروع قانون التنظيم القضائي، لكونه” سيؤثر على فعالية المحاكم وسيعرقل حق المتقاضي، خاصة المواطن البسيط في اللجوء المنصف والحر إلى القضاء، وسيمس بأحد أهم المكتسبات المعترف بها للمتقاضين منذ الاستقلال. وهو الحق في الإدلاء أمام القضاء بالوثائق المحررة بغير اللغة العربية”.
وللاشارة فقد سبق لوزير العدل، محمد بن عبد القادر، أن أعلن في تصريحات صحفية أن الوزارة أعدّت مخطط عمل خاصاً بها حول كيفية ومراحل إدماج اللغة الأمازيغية في منظومة العدالة، يتضمن اتخاذ إجراءات منهجية، على رأسها ضمان الترجمة من الأمازيغية وإليها داخل المحاكم والإدارة، واعتماد الأمازيغية كلغة للتقاضي، بما يشمل الترجمة خلال إجراءات التحقيق، والترافع، وتقديم الشهادات، وإجراءات التبليغ، وإمكانية النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية.
كما أبرز المسؤول الحكومي، أن “الوزارة التزمت بإعداد معجم المصطلحات القانونية والقضائية، واعتماد متحدّثين بالأمازيغية في مراكز الاستقبال والمكاتب في الوزارة والمحاكم، زيادة على تعزيز الإعداد الأساسي في مجال الأمازيغية داخل المعهد العالي للقضاء، وبرمجة حصص للتعليم المستمر في مجال الأمازيغية”.