معلومات عن العالم الامازيغي محمد وعلي أوزال (الهوزالي)
ولد وعاش العالم الامازيغي محمد وعلي أوزال في القرن السابع عشر الميلادي، وعُرف في كتب المؤرخين بإسم: مَحمد بن علي الهَوْزالي وهو عالم وفقيه أمازيغي وكان بارعا في الحساب والرياضيات أيضا.
ألف العديد من الكتب بالأمازيغية، أشهرها كتاب «أسيف ايمطاون/ بحر الدموع» وكتاب «الحوض» وكتاب «نْصَاحْت» وكلها مكتوبة بالأمازيغية بالخط الارامي الذي يسمى اليوم بالخط العربي. ولا تزال أجزاء من مخطوطات بعض كتبه موجود بجامعة لَيْدَن بهولندا حتى اليوم. وفي ما يلي نبذة ومعلومات عامة عن حياته وعن بعض أعماله الموثقة .
معلومات عن حياة محمد وعلي أوزال الامازيغي
محمد بن علي أوزال / الهوزالي |
يُعدّ محمد وعلي أوزال من أهم المؤلفين في عصره مجال الاصلاح الاجتماعي والتأليف الامازيغي . تخرج من مدرسة تامجروت TAMGRUT، المعروفة اليوم أيضا بزاوية تامكروت الناصرية نواحي مدينة تاودانت جنوب المغرب.
وهو أول من وضع طريقة تحديد مواقيت أذان صلاتي الظهر والعصر حسب الفصول بقياس طول ظل الانسان بأقدامه، وهو ما اطلق عليه الفقهاء الأمازيغ بالامازيغية (أسغول ن تزاليت) وهي الطريقة التي ظلت معتمدة في في سوس والمغرب لمعرفة مواقيت الصلاة بدقة لعدة قرون حتى ظهور الساعات الحديثة .
وهو أول من وضع طريقة تقسيم المحاصيل المشتركة بدقة وعدل بين الشركاء في منطقة سوس مثل الحبوب كالشعير والدرة والفواقه كاللوز الارغان وغيرها، بأخد مكيال معين ومنح كل شريك حصة مصغرة من نصيبه وتكرار العملية حتى نفاذ المحصول المشترك.
كما وضع أيضا كيفية حساب واستخراج الأعشار من المحاصيل الزراعية مهما كان شكلها وحجمها كالزرع والزيتون والدره والخضر والفواكه وغيرها، من اجل إخراج الزكاة السنوية ، وذلك بأخد مكيال معين تسعة مرات من المحصول العام ثم عزل المكيال العاشر جانبا، وتكرار نفس العملية حتى نفاد كمية المحصول. وبذلك يتم فصل العشر عن المحصول الأصلي بدقة تامة.
وكان محمد وعلي أوزال يرشد الناس الى التضامن والتآزر و الصلاح وحل المشاكل المختلفة بالتشاور وقد ألف كتابا في هذا الصدد سماه « الفتاوى المتفرقة في النوازل والقضايا». وفي ما يلي معلومات عامة عن سيرة العالم الامازيغي محمد وعلي أوزال وأهم اعماله:
1. مسقط رأسه محمد بن علي أوزال
وينحدر محمد بن علي بن إبراهيم أوزال (الهَوْزالِيُّ)، من قبيلة (إندوزال) الأمازيغية بمنطقة سوس جنوب المغرب. ويُعرف أيضا عند أهل سوس بـ«اكُبيل» (الكبيلي)، نسبة إلى «يكُبيلن»، وهي فرقة كبيرة من قبيلة (أوزالن)، المكونة من أربع قرى، إحداها القصبة تازيط، مسقط رأس هذا العالم وفيها مشهده ومدرسته القائمة حتى الآن. وما زال ما تبقّى من بيته الواقعِ ضمن أطلال قرية القصبة القديمة يُعرف بـ«تيڭمّي نالشيخ» (دار الشيخ).
وقد أشار هو نفسه إلى اسمه ونسبه الثلاثي بالأمازيغية في بداية كتابه «الحوض». قائلا:
ءينا ءيسمك ءيحتاجان ءاد ءاس ءيعفو لباري ¤¤ محمد ءوعلي ءوبراهيم وسوس ءاوزالي
معناه بالعربية: يقول العبد المحتاج إلى عفو الباري، محمد بن علي بن إبراهيم السوسي الهوزالي.
2. سيرة محمد بن علي أوزال الهوزالي
لا يُعرَفُ سوى معلومات قليلة عن السنوات الأولى لحياة سيرة محمد بن علي أوزال الهوزالي، فهي غائبة في المصادر الموجودة حتى الآن. كذلك لا تُعرَفُ سنة ولادته بالظبط. إلا أن الباحثين يرجّحون ولادته في حوالي سنة 1070 هـجرية، وذلك في قرية القصبة الهوزالية. وتقع القصبة جنوب شرق مدينة تارودنت، وتبعد عنها بـ34 كم.
تلقى محمد بن علي الهوزالي تعليما أساسيا في قريته، قبل أن يرحل إلى تمجروت طلبا للعلم واستكمالا لمعارفه سنة 1091، وذلك على عادة طلاب العلم في سوس. وتمجروت زاوية تبعد عن القصبة بـ290 كم في اتجاه الشرق، وتقع على ضفة وادي درعة. وقد كانت هذه الزاوية قد بلغت أوجها في زمانه، فكانت قبلة طلبة العلم في جميع أنحاء المغرب، وعُرفت بـ«أُمِّ الزوايا». وقد كان على رأسها آنذاك الشيخ أحمد بن محمد بن ناصر الدَرْعِيّ.
بعد عودته إلى مسقط رأسه بعد 20 سنة قضاها في طلب العلم، وبعد أن داع صيته في قبيلة اندوزال. أسس محمد بن علي مدرسته العتيقة المعروفة باسم "مدرسة اكبلن" ليعتكف فيها على الدراسة والتعليم والوعظ والإرشاد والتأليف والترجمة إلى أن توفي.
ذكر تلميذه العلامة الحضيكي رحمه الله أعماله ونوه بها، قائلا:
"كان الفقيه الهوزالي رحمه الله من أشياخنا وبركات بلادنا وصلحائها، وممن تدور عليهم أمورها، والملجأ والمفزع في المسائل والنوازل، وقد انتفع به الخلق، وقام بإصلاح الأمة، واعتنى بإرشادهم وإقامة رسوم الدين، وأحيى كثيرا مما اندرس من السنن، وأخمد كثيرا من البدع، وألف للناس في ذلك كتبا بالغ بالنصح فيها نظما ونثرا، عجمية وعربية، وقد أنعم الله تعالى على الإسلام بنصحه."
عرض العلامة الاديب والمؤرخ الامازيغي محمد المختار السوسي في كتابه سوس العالمة، الذي يشمل مختصرات عن حياة ومؤلفاة علماء جهة سوس ماسة درعة، نبدة من حياة محمد بن علي أوزال الهوزالي لكنه اعتمد في استيقاء الخبر على المصدر الواحد مما انعكس سلبا على صحة الوقائع التي سردها في ما يخص هذا العالم الجليل. ومن بين هذه المعلومات المغلوطة: " وكان محمد بن علي الهوزالي فتك بإنسان من اهله، فهرب إلى تمجروت..." حيث لم يثبت هذا الحدث أحد ممن عاصره.
وتحدث المختار السوسي عنه وعن تكوينه العلمي ونصيبه من العلم والتأليف حيث قال عنه: "توجه محمد بن علي الهوزالي للتدريس والتأليف والإرشاد وازالة البدع ثم تابعه اهله اثر وفاته عام 1163 هـ في ذلك الميدان...".غير ان طفولة محمد بن علي الهوزلي وبدايات مساره العلمي قبل هجرته إلى طلب العلم تبقى مجهولة.
ترك محمد بن علي أوزال قريته تازيط وهو شاب في العشرينات من عمره متجها نحو الزاوية الناصرية التي أسسها عمرو الأنصاري بن أحمد الأمازيغي سنة 983 هـ في الجنوب الشرقي من المغرب في قرية تمكروت قرب وادي درعة. هناك لقي المكان المناسب لطلب العلم وتحصيل المعرفة. وبعد أن قضى مدة الاخد من العلوم المختلفة كبُر شأنه عند شيخه لما رآه منه من الجد والاجتهاد والإلمام بأمهاة العلوم في ذلك العصر. بعد ذلك عينه شيخه أحمد بن محمد بن ناصر ليحمل مشعل العلم إلى بلده بعد غياب طويل.
3. أعماله
صورةٌ حديثة لمدخل مدرسة تامكروت Tamgrut ضواحي مدينة تارودانت |
بعد عودته من مدرسة تامكروت إلى مسقط رأسه، اعتكف محمد بن علي أوزال في المدرسة العتيقة التي أسسها خصيصا لتلقين أهل قبيلتة اندوزال القراءة والكتابة والحساب وكل ما يتداول في ذلك العصر من علوم الدين والدنيا وعلوم القرآن والفقه المالكي والعلوم الشرعية والقراءة والكتابة.
اشتهر العلامة محمد أوعلي أوزال بتأليفه لعدة كتب بألامازيغية نذكر منها "بحر الدموع" الذي كان مؤلفا من نصائح وقصائد صوفية كان يَتعبد بها ويناجي بها ربَّه وقد حفضها عنه العديد من الذين كانوا يجالسونه ويشتركون معه في الذكر رغم كون أغلبهم اميين.
وكذلك كتابه "الحوض" الذي يعتبر أول ترجمة لكتاب من اللغة العربية الفصحى إلى اللغة الأمازيغية السوسية. وقد ساهم هذا الكتاب الذي يحفضه أغلب سكان اندوزال والقبائل المجاورة وصولا إلى تارودانت، في ذلك الوقت وحتى اواخر التسعينيات من القرن الماضي، ساهم في نشر المذهب المالكي عامة وتمكين المغاربة المتحدثين بالأمازيغية السوسية من تملُّك المعرفة الشرعية والعلم الفقهي اللازم لعبادة الله دون الحاجة لمعرفة اللغة العربية الفصحى.
ابيات شعرية بالأمازيغية من كتاب الحوض:
سميغ لكتاب اينو س - لحاوض - واناز - كيسى ¤¤ ءيسوان ءورسار ت ياغ اريفي ءيتهنا
معناه بالعربية: سميت كتابي هذا الحوض. من شرب منه لن يضمأ بعد أبدا.
و يقول في طلب العلم:
لعيلم ءيكنوان ءاغ ءيلاء ءور ءيلي غ- واكال ¤¤ ملا ءيلا غ وكال سكويان ءيفهمتي ¤¤ يان غ- ءولتلى لهيما ياتوين ءورت ءيد يوميز
ما معناه بالعربية: العلم يوجد فوق القمم وليس على الأرض. ومن لم تكن همته عالية فلن يناله. (في إشارة لما يتطلبه نيل العلم من إرادة وعزيمة).
وكان من العلماء البارزين ممن اخذوا عن الشيخ الهوزالي : الشيخ محمد بن أحمد الحضيكي (تـ 1189 هـ) حيث قال عنه:
"الفقيه العالم العلامة الشهير الطائر الصيت في البلاد". وقال عنه أيضا: "كان من اشياخنا وبركات بلادنا وصلحائها، وممن تدور عليهم امورها، والملجأ والمفزع في المسائل والنوازل، وانتفع به الخلق وقام باصلاح الامة واعتنى بارشادهم واقامة رسوم الدين واحيا كثيرا مما اندرس من السنن واخمد كثيرا من البدع، والف للناس في ذلك كتابا بالغ فيها نظما ونثرا عجمية وعربية، توفي بالوباء سنة 1162 هـ".
4. مؤلفاته
تُعرف بعض مؤلفات محمد بن علي أوزال المكتوبة بالأمازيغية عند أهل سوس بـإسم «أكُبيل» (الكبيلي)، فيُقال مثلا: «ار اقرانت تمغارين أكُبيل»، ومعناه: تَقرَأُ النساء الكبيلي.
- كتاب «الرغبان لشرح مهماز الغفلان على فروع الوقت والأذان». وهو أول ما ألف. انتهى من تأليفه سنة 1111 هـ.
- كتاب «الحوض». وهو مكتوب بالامازيغية في جزئين. تُرجم الجزء الأول منه إلى الفرنسية على يد الباحث الفرنسي لُوسِيَانِي سنة 1897 مـ. وحقق الجزء الأول كذلك الباحث المغربي عبد الله بن محمد الجشتيمي سنة 1977 مـ. ويوجد مخطوطه في جامعة لَيْدَن.
- كتاب «بحر الدموع». كتاب شامل في المواعظ الاخلاقية وقال عنه مؤلفه أنه بدأه في شهر صفر وأكمله في ربيع الثاني من سنة 1126 هـ. وقد حظي كتابه هذا باهتمام الباحثين منذ أزيد من قرن ونصف. تُرجم رُبعه الأول لأول مرة إلى الفرنسية من طرف الباحث بارون سِلان في عام 1856 مـ.
- كتاب «النصاحت». وهو كتاب بالامازيغية ضمنه مجموعة شاملة من النصائح والارشادات في طريق الاستقامة والصلاح.
- كتاب «تنبيه الإخوان، على ترك البدع والعصيان». يُعرف كذلك باسم «النصيحة في البدع»، وهو ترجمة لكتابه السابق بالامازيغية «النصاحت»، حيث عربه نظما ثم شرحه.
- كتاب «بعض الفتاوى المتفرقة في النوازل والقضايا».
5. وفاته
تُوفي الشيخ محمد بن علي أوزال الهوزالي عام 1162 هـجرية. عن سن يناهز الثمانين سنة في قرية توريرت التي يوجد بها إلى يومنا هذا المسجد الذي أسسه وقبره.
ومن الذين ارخوا لوفاة العلامة محمد بن علي أوزال، تلميذه الشيخ عبد الله بن أحمد من ءازاغار ن-ءيمسليلن الهلالي العالم المقريء بزاوية سيدي عبد الله بن ءيبورك (تـ 1214 هـ) حيث قال عنه :
"مات بالوباء من الفقهاء في سوس ومراكش شيخنا الجليل العالم سيدي محمد بن علي ءاكبيل سنة 1162هـ رحمه الله".
مواضيع ذات صلة
التعليقات
معلومات عن العالم الامازيغي محمد وعلي أوزال (الهوزالي)