معلومات عن قرية تكرونة الأمازيغية بتونس (صور)
تعتبر قرية تكرونة الأمازيغية بتونس من أجمل القرى العريقة والمنيعة التي حمت سكانها من الغزوات والغارات عبر التاريخ. ولا تزال تحتفظ بالعديد من العادات والتقاليد الأمازيغية حتى اليوم.
و تعد قرية تكرونة من أقدم القرى الأمازيغية، ومن آخر المواقع التاريخية في الشمال التونسي، التي ترمز إلى حضارة الأمازيغ في منطقة شمال افريقيا، والتي استمرت حسب المؤرخين والدراسات منذ الآلاف من السنين.
معلومات عن قرية تكرونة الأمازيغية بتونس
قرية تكرونة منظر عام من الجو |
تقع القرية الأمازيغية تاكرونة Takrouna في محافظة سوسة، قرب مدينة النفيضة، وعلى بعد 100 كم جنوب العاصمة تونس، وتفتح على خليج الحمّامات وهرڤلة وسوسة وجبل زغوان والقيروان، ممّا جعل منها مسرحا للعديد من المعارك خلال الحرب العالميّة الثّانية.
بُنيت تكرونة فوق جرف صخريّ مغطّى بالصّبّار، قد يعود عهد تكوّنه إلى فترة الميوسين (حوالي 22 مليون سنة) من العصر السّينوزي (الحقبة الجيولوجيّة الثّالثة)، ويعلو حوالي 200م عن مستوى سطح البحر. وقد بُنيت القرية من منازل حجريّة تعكس هندستها طريقة البناء الأمازيغية الأصيلة، فناء يتوسّط الدّار تحيط به الغرف المقبّبة.
ولا تزال القرية إلى اليوم تحافظ على اسمها الأمازيغيّ حيث لا توجد ترجمة عربيّة لاسمها الذي ربما يرتبط باسم قبيلة أمازيغية سكنت الأندلس منذ القرن الثّامن ميلادي وقد أطلق اسم “تكرونة Ta Kurunna” على منطقة جبليّة قرب ملقة الأسبانيّة، ومع بداية طرد المسلمين من الأندلس هاجرت منذ سنة 1609 العديد من العائلات إلى البلاد التّونسيّة واستقرّت عائلة أمازيغية في أعلى الصّخرة وهي مرجع التّسمية وأصلها.
وتتميز القرية بجمالها الفريد من خلال تموضعها أعلى الجبل حيث يمكن مشاهدة المنازل في هذه القرية من مكان بعيد نظرا لارتفاعها إضافة إلى جمال غابات الزيتون الخضراء المحيطة بها والأراضي الزراعية.
الطريق الى قرية تكرونة
تكرونة منظر جانبي |
يمكن الصعود إلى القرية التي تقع على علو مئتي متر عبر طريقين، إذ لا تصعد الحافلات إلى أعلى الجبل؛ الأولى في شكل مدرج تحيط به الصخور الكبيرة مرصفة بإتقان منمقة كحبات الفسيفساء تدفع الزائر للتساؤل “كيف رُصّفت بهذه الأناقة وكيف وضعها القدامى هنا؟ وبأي وسائل تم جلبها إلى أعلى؟”، كلها أسئلة تخامر الزائر وهو يجاهد نفسه للصعود إلى أعلى حيث الهواء النقي.
أما الطريق الثانية فهي أكثر طولا معبدة في شكل دائري إلى اليمين، سور حجارتها كبير يمكن للناظر من خلاله التأمل في المنازل القديمة المهدمة التي حافظت على مسحة من الجمال رغم تقادم العهد فبدت كعروس أمازيغية تقدمت في السن ولنضارة وجهها وسحر ابتسامتها تأثير على النفس.
تكرونة تتعرض للقصف
وقد مثّلت القرية أثناء الحرب العالميّة الثانية مسرحا للحرب بين قوّات المحور وقوّات التّحالف وتمّ قصفها في العديد من المرّات ممّا نتج عن القصف تدمير المسجد والعديد من المنازل وهو ما أجبر السكّان على النّزول من أعلى الصّخرة والاستقرار على مشارف الطّريق قرب المزارع الواسعة وبساتين الزّيتون.
تكرونة إحدى القرى الأمازيغية التي احتفظت على طابعها الخاص. وقد زارها الكاتب الفرنسي غي دو موباسان عام 1890. ومن أشهر أبنائها الأديب الطاهر قيقة. ويكيبيديا
قرية تكرونة والثقافة الأمازيغية
لا تزال العائلات الأمازيغية التي تقطن القرية تحافظ على العادات الأمازيغيّة على مستوى اللباس والمنسوجات التقليدية والاحتفالات وعلى خصائص المطبخ الأمازيغيّ من خلال المواظبة على إعداد خبز الطّابونة التقليدي الأمازيغي وطهي الأكلات الشّعبيّة الأمازيغية مثل الشخشوخة والكسكسي.
خبز الطابونة التقليدي الذي تشتهر به القرية |
وعن ثراء المخزون الثقافي والحضاري للقرية ذكر أحد أبنائها وهو الأديب التّونسي الطّاهر قيقة "تكرونة هي الجبل، هي الرّيف، هي الجامع والزّاوية والمقبرة والصّخور المتناثرة بين المنازل، تذكّر أهل القرية بالشدّة والصّلابة اللتين جبلوا عليهما مع الأنفة وعزّة النّفس والشّموخ، تكرونة هي المنبت".
قرية تكرونة والسياحة
تكرونة تجذب مئات السياح سنويا |
حاضر القرية اليوم لم يختلف كثيرا عن الواقع الذي شخّصه ابنها الأديب الطّاهر قيقة رغم مرور السّنوات، فالقرية ورغم ما تحتكم عليه من مخزون ثقافيّ وحضاريّ غزير لم يقع استغلالها سياحيا بالشكل المطلوب والأمثل ولم يتمّ إدراجها ضمن المسالك السياحيّة المنتظمة رغم أنّها تجذب السياح بمناظرها الخلابة وشكل معمارها التقليدي وقد كانت فيالكثير من المناسبات قبلة صنّاع السينما والدّراما ومسرحا لبعض التّظاهرات الثقافيّة وبعض الرّحلات التّرفيهيّة والسياحية.