قناطر تاريخية بناها الأمازيغ قبل قرون وظلت صامدة في وجه الفيضانات حتى اليوم ...
من أغرب الأمور في بلاد المغرب اليوم أن هناك قناطر قديمة بناها الأمازيغ القدامى قبل قرون على مجاري الأنهار والأودية، فظلت صامدة في وجه الفيضانات السيول حتى اليوم، في حين انهارت الكثير من القناطر الحديثة التي بُنيت في السنوات الأخيرة بعد الاستقلال!
أقدم قنطرة في المغرب بناها الأمازيغ
أقدم قنطرة في المغرب بناها الامازيغ عمرها حوالي ألف سنة - قنطرة واد تانسيفت |
ومن أهم هذه القناطر التاريخية التي بناها الأمازيغ القدامى قبل قرون ، نجد قنطرة واد تانسيفت (تاسازكًرت) وهي أقدم قنطرة في المغرب، والتي أمر الحاكم الامازيغي المرابطي علي بن يوسف بن تاشافين بتشييدها، والتي أعاد ترميمها وتجديدها الحاكم الامازيغي الموحدي يوسف بن عبد المؤمن بن علي الكومي، وقد تفنن البناة الأمازيغ القدامى في تشييدها بكل إتقان باعتماد العُرف الأمازيغي المتوارث (تيويزي). وقد شكلت الجسر الوحيد الذي يصل مدينة مراكش بشمال وجنوب المغرب عبر القرون.
قنطرة واد تانسيفت التاريخية لا تزال صامدة حتى اليوم |
وهي القنطرة التاريخية الوحيدة بالمغرب التي يناهز عمرها حوالي ألف سنة، حيث يعود تاريخ بنائها لأول مرة إلى عهد المرابطين الأمازيغ في القرن الحادي العاشر الميلادي كما ذكر ذلك الإدريسي وأُعيد بناؤها بعد ذلك في العصر الموحدي، بعد الفيضان الذي دمر جزءا منها، وظلت تقاوم عوامل الزمان لمئات السنين، وهي لا تزال صامدة في وجه الفيضانات و السيول الجارفة حتى اليوم.
والسر الذي مكنها من الصمود في وجه الفيضانات والتدفقات المائية كل هذه الفترة الطويلة يعود إلى هندستها الفريدة و اختيار مكان تشييدها بدقة وسعة منافذها السبعة والعشرين التي تسمح باستيعاب جريان مياه الوادي مهما ارتفعت كميتها وقوتها، ومن المعلوم أن هذه المعلمة التاريخية توجد على وادي تانسيفت الذي ينبع من الأطلس الكبير ، ويسير مسافة 270 كلم حتى يصب في البحر بين مدينتي آسفي والصويرة .
وهناك أيضا قناطر تاريخية أخرى مثل قنطرة واد النجا، وجسر سقالة بالصويرة، وقنطرة واد سبو، والقنطرة التاريخية المشيدة على نهر أم الربيع بقصبة تادلة التي شُيدت بسواعد الامازيغ، حيث يرجع أصل بنائها إلى عهد الموحدين و قد ذكرها البيدق المصدر(77-76) : "فتولية أبي الربيع على تادلة أحد أبناء أمير الموحدين عبد المومن يدل على وجود قاعدة ثابتة ولا تكون سوى حصن تادلة التي تقع على الضفة اليمنى للوادي حيث يوجد ممر للعبور وقد بني مكانه وبعد ذلك القنطرة ".
وبكل تأكيد سيستنتج كل انسان نزيه ومحايد أن هناك فرق كبير على مستوى القوة و الصمود بين الأبنية الضخمة القديمة التي شيدت في الأزمنة القديمة بالمغرب وبين بعض المنشآت اليوم في عصر الدراسات والصفقات التي تنهار في أول اختبار لها مثل جل القناطر على الطرق التي شُيدت حديثا.